للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتكف في بيته، وقال: لا أخرج إلى الناس فأفتتن بالدنيا، ولكن أبقى في بيتي معتكفاً فهذا ليس اعتكافاً شرعياً، بل يسمى هذا عزلة، ولا يسمى اعتكافاً.

وهل العزلة عن الناس أفضل أم لا؟

الجواب، في هذا تفصيل:

فمن كان في اجتماعه بالناس خير، فترك العزلة أولى، ومن خاف على نفسه باختلاطه بالناس لكونه سريع الافتتان قليل الإفادة للناس، فبقاؤه في بيته خير، والمؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم.

وخرج به أيضاً لزوم المدرسة، ولزوم الرباط، لو كان هناك ربط لطلبة العلم يسكنونها ويبقون فيها، فإن لزومها لا يعتبر اعتكافاً شرعاً.

وخرج به لزوم المصلى، فلو أن قوماً في عمارة ولها مصلى، وليس بمسجد فإن لزوم هذا المصلى لا يعتبر اعتكافاً.

والدليل على ذلك، قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] فجعل محل الاعتكاف المسجد.

وقوله: «لطاعة الله» اللام هنا للتعليل، أي: أنه لزمه لطاعة الله، لا للانعزال عن الناس، ولا من أجل أن يأتيه أصحابه ورفقاؤه يتحدثون عنده، بل للتفرغ لطاعة الله ﷿.

وبهذا نعرف أن أولئك الذين يعتكفون في المساجد، ثم يأتي إليهم أصحابهم، ويتحدثون بأحاديث لا فائدة منها، فهؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>