للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن ذلك منهياً عنه، ولو كان المسجد الحرام هو كل الحرم، لكان ينهى المشرك أن يقرب حدود الحرم، لأن الله قال: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ نسأل هل يحرم على المشرك أن يدخل داخل الأميال، أو أن يأتي حولها؟

الجواب: الأول هو المحرم؛ لأنه إذا دخل الأميال، وهي العلامات التي وضعت تحديداً للحرم، لو دخلها لكان قارباً من المسجد الحرام.

واستدل أهل الرأي الثاني: بأن النبي في الحديبية نزل في الحل، والحديبية بعضها من الحل وبعضها من الحرم، ولكنه كان يصلي داخل الحرم، أي: يتقصد أن يدخل داخل الحرم للصلاة (١).

وهذا لا دليل فيه عند التأمل؛ لأن هذا لا يدل على الفضل الخاص، وهو أن الصلاة أفضل من مائة ألف صلاة، وإنما يدل على أن أرض الحرم أفضل من أرض الحل، وهذا لا إشكال فيه، فلا إشكال في أن الصلاة في المساجد التي في الحرم، أفضل من الصلاة في مساجد الحل.

واستدلوا أيضاً بقوله تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] فإن من المعلوم أن الهدي لا يذبح في الكعبة، وإنما يذبح داخل حدود الحرم في مكة أو خارجها.

والجواب عنه أنه لا يمكن أن يتبادر إلى ذهن المخاطب،


(١) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٣٢٣) عن مروان والمسور بن مخرمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>