فسد إحرامه، فأي فرق بين الجماع وبين سائر المحظورات؟!
لكننا نجيبهم بما جاء في القرآن، فالصيد حرام في الإحرام، وقال الله فيه: ﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا﴾ أي: غير معذور ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥] ولم يبطل الله الإحرام، فدل هذا على أن الحج والعمرة لهما أحوال خاصة؛ لقوة لزومهما وثبوتهما، فلا يفسدهما المُحَرَّمُ فيهما إلا ما أجمع العلماء عليه، وهو فيما أعلم الجماع، ثم إنه أي: المحظور ينجبر بالبدل، ثم إن العذر في المفسد لا يقتضي رفع البطلان، أرأيت الصائم إذا كان مريضاً وأفطر من أجل المرض أفليس يفسد صومه، مع أنه معذور.
فالظاهرية عند سماع حجتهم ينبهر الإنسان بادى الرأي، لكن عند التأمل نجد أن الفقه مع الذين يتبعون الدليل؛ ظاهره وباطنه، ويحملون النصوص الشرعية بعضها على بعض، حتى تتفق، وهم أهل المعاني والآثار.
الثالثة: إذا كان النهي عاماً في العبادة وغيرها، فإنه لا يبطلها.
مثاله: الغيبة للصائم حرام، لكن لا تبطل الصيام؛ لأن التحريم عام.
وكذا لو صلى في أرض مغصوبة، فالصلاة صحيحة؛ لأنه لم يرد النهي عن الصلاة فيها، فلو قال: لا تصلوا في أرض مغصوبة فصلى، قلنا لا تصح؛ لأنه نهي عن الصلاة بذاتها.