ومعنى زوال الرق أن يعتق العبد، فإذا أعتقه سيده في الحج بعرفة صح فرضاً، مع أنه حال إحرامه بالحج كان الحج في حقه نفلاً؛ لأن الحج لا يجب على الرقيق على ما سبق من الخلاف فيه.
وقوله:«صح فرضاً» إذا أخذنا بظاهر كلامه فإنه يكون فرضاً من أول الإحرام، فعلى هذا يلغز بها، فيقال: عبادة أولها نفل ثم انقلبت إلى فرض بدون أن ينوي الفرض من أولها، فيكون الجواب هو: حج الرقيق إذا عتق في عرفة أو قبلها.
وقيل: إنه لا يكون فرضاً إلا من حين العتق، فتكون هذه العبادة أولها نفلاً وآخرها فرضاً، وهذا أيضاً يلغز به، وهذا ليس بغريب؛ لأن الحج يخالف غيره في مسألة النية في أمور متعددة، كما سيأتي أن الإنسان إذا قدم إلى مكة، وهو مفرد أو قارن فطاف وسعى، فإنه سيطوف للقدوم، وطواف القدوم سنة، وسيسعى للحج، فله بعد ذلك أن يقلب هذه النية إلى عمرة ليصبح متمتعاً، فالطواف كان للقدوم في الأول وهو سنة، وصار الآن للعمرة ركناً، والسعي الذي كان أولاً للحج صار الآن للعمرة فالحج له أشياء يخالف غيره فيها.
وكذلك إذا أفاق المجنون بعرفة صار حجه فرضاً، ولكن إذا سأل سائل: كيف يتصور أن يُحرِم المجنون فيفيق بعرفة؟ وهل المجنون تصح منه نية الإحرام؟
فالجواب أن نقول: من أهل العلم من قال: إن المجنون يجوز أن يحرم عنه وليه، كما يحرم عن الصغير، فالصغير ليس له