للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن كان عنده مال إن قضى به الدين لم يتمكن من الحج، وإن حج لم يقض به، فهذا ليس بقادر إلا بعد قضاء الديون.

وإذا كان على الإنسان دين فلا حج عليه سواء كان حالاً أو مؤجلاً، إلا أنه إذا كان مؤجلاً وهو يغلب على ظنه أنه يوفيه إذا حل الأجل وعنده الآن ما يحج به فحينئذٍ نقول: يجب عليه الحج.

فإذا قال قائل: لو أن صاحب الدين أذن له أن يحج، فهل يكون قادراً؟

فالجواب: لا؛ لأن المسألة ليست إذناً أو عدم إذن، المسألة شغل الذمة أو عدم شغلها، ومن المعلوم أن صاحب الدين إذا أذن للمدين أن يحج فإن ذمته لا تبرأ من الدين، بل يبقى الدين في ذمته، فنقول له: اقض الدين أولاً ثم حج، ولو لاقيت ربك قبل أن تحج، ولم يمنعك من ذلك إلا قضاء الدين، فإنك تلاقي ربك كامل الإسلام؛ لأن الحج في هذه الحال لم يجب عليك، فكما أن الفقير لا تجب عليه الزكاة، ولو لقي ربه للقيه على إسلام تام، فكذلك هذا المدين الذي لم يتوفر لديه مال يقضي به الدين ويحج به، يلقى ربه، وهو تام الإسلام.

وما يظنه بعض المدينين من أن العلة هي عدم إذن الدائن، فإنه لا أصل له.

فإذا قال قائل: لو أنه أمكنه أن يحج بمصلحة له مالية، بحيث يعطى أجرة، أي: يكون الرجل هذا عاملاً جيداً، فيستأجره أحد من الناس ليحج معه، إما بقافلة، وإما بالأهل، ويعطيه ألف

<<  <  ج: ص:  >  >>