هو المراد، وليس المراد أن يكون عنده نقد أو متاع يكفيه على الدوام أبداً، ولو قيل به لما وجب الحج على أحد، ولو كان أغنى الناس؛ لأنه ربما تزيد الأجور، وترتفع أسعار المعيشة، ويطول العمر، ولأن هذا لا يمكن ضبطه.
وقال بعض العلماء: ما يكفيه وعائلته إلى أن يرجع من الحج، فإذا كان عنده من النفقة ما يكفي عائلته حتى يرجع من الحج، وزاد على ذلك شيء يكفيه للحج، وجب عليه الحج؛ لأنه قادر، وإذا رجع إلى أهله، فالرزق عند الله ﷿.
ولو أن قائلاً قال: نقدر النفقة بالسنة كما قدروها في باب الزكاة: أن الفقير من لا يجد كفايته سنة لم يكن بعيداً، فإذا كان عنده من النقود ما يكفيه وعائلته سنة، فزاد على ذلك شيء فإنه يلزمه أن يحج، وإن كان دون ذلك فإنه لا يلزمه؛ وذلك لأنه لا يخرج عن كونه فقيراً إذا لم يكن عنده فوق ما يكفيه السنة.
الثالث: قوله: «والحوائج الأصلية»، أي: لا بد أن يكون ما عنده زائداً على الحوائج الأصلية، وهي التي يحتاجها الإنسان كثيراً؛ لأن هناك حوائج أصلية، وحوائج فرعية.
مثال الحوائج الأصلية: الكتب، والأقلام، والسيارة، وما أشبه ذلك، هي غير ضرورية، لكن لا بد لحياة الإنسان منها، فطالب العلم عنده كتب يحتاجها للمراجعة والقراءة، فلا نقول له: بع كتبك، وحج، أمّا لو كان عنده نسختان فنقول له: بع إحدى النسختين، فإن كانتا مختلفتين قلنا: اختر ما تراه أنسب لك، وبع الأخرى؛ لأن ما زاد على النسخة الواحدة لا يعتبر من الحوائج