للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ولمَّا بال الصبيُّ على حِجْره؛ دعا بماء فأتْبَعَهُ إِيَّاه» (١)، فدلَّ هذا على أنَّه لا يزيل النَّجَس إِلا الماء، فلو أزلنا النَّجاسة بغير الماء لم تَطْهُر على كلام المؤلِّفِ.

والصَّواب: أنَّه إِذا زالت النَّجاسة بأي مزيل كان طَهُر محلُّها؛ لأنَّ النَّجاسة عينٌ خبيثة، فإذا زالت زال حكمها، فليست وصفاً كالحدث لا يُزال إِلا بما جاء به الشَّرع، وقد قال الفقهاء : «إذا زال تغيُّر الماء النَّجس الكثير بنفسه صار طَهُوراً (٢)، وإِذا تخلَّلت الخمر بنفسها صارت طاهرة» (٣)، وهذه طهارة بغير الماء.

وأما ذِكْرُ الماء في التَّطهير في الأدلة السَّابقة فلا يدلُّ تعيينُه على تعيُّنِهِ؛ لأن تعيينَه لكونه أسرعَ في الإِزالة، وأيسرَ على المكلَّف.

وقوله: «النَّجس الطَّارئ»، أي: الذي وَرَدَ على محَلٍّ طاهر.

فمثلاً: أن تقع النَّجاسة على الثَّوب أو البساط، وما أشبه ذلك، فقد وقعت على محَلٍّ كان طاهراً قبل وقوع النَّجاسة، فتكون النَّجاسةُ طارئةً.

أما النَّجاسة العينيَّة فهذه لا تطهُر أبداً، لا يطهِّرُها لا ماء


(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب بول الصبيان، رقم (٢٢٢)، ومسلم، كتاب الطهارة: باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، رقم (٢٨٦)، عن عائشة .
(٢) انظر: ص (٥٦).
(٣) انظر: «الإِنصاف» (٢/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>