قلنا: لا؛ لأنك لو أحصيت الحجيج، وأحصيت الحوادث التي تحدث لوجدت النسبة قليلة جداً، وليست بشيء بالنسبة لكثرة السيارات والناس، وفي عهد الرسول ﷺ حصلت حوادث، ففي عرفة وقصت ناقة صاحبها فسقط منها فمات (١)، وهذا حادث ناقة، يشبه حادث السيارة، فالحوادث موجودة في عهد الرسول ﷺ ومع هذا، لم يأمر أصحابه أن يشترطوا أمراً عاماً.
فإن قال قائل: ما فائدة هذا الاشتراط؟
قلنا: قال بعض العلماء: إنه لا فائدة منه، وإنما هو لفظ يتعبد به فقط، وهذا القول لا شك أنه ضعيف جداً.
والصواب أن له فائدة، وفائدته أنه إذا وجد المانع حل من إحرامه مجاناً، ومعنى قولنا:«مجاناً» أي بلا هدي؛ لأن من أحصر عن إتمام النسك فإنه يلزمه هدي؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، فإذا كان قد اشترط ووجد ما يمنعه من إتمام النسك، قلنا له: حلَّ بلا شيء، مجاناً.
ولو لم يشترط لم يحل إلا إذا أحصر بعدو على رأي كثير من العلماء، فإن حصر بمرض، أو حادث، أو ذهاب نفقة، أو ما أشبه ذلك فإنه يبقى محرماً ولا يحل، لكن إن فاته الوقوف فله أن يتحلل بعمرة، ثم يحج من العام القادم.
(١) أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب سنة المحرم إذا مات (١٨٥١)؛ ومسلم في الحج/ باب ما يفعل بالمحرم إذا مات (١٢٠٦) عن ابن عباس ﵄.