«أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك»(١)، وتحمل معنى الإقامة من قولهم ألبَّ بالمكان، أي: أقام فيه، فهي متضمنة للإجابة والإقامة، الإجابة لله، والإقامة على طاعته؛ ولهذا فسرها بعضهم بقوله: لبيك، أي: أنا مجيب لك مقيم على طاعتك، وهذا تفسير جيد.
فإذا قال قائل: أين النداء من الله حتى يجيبه المحرم؟
قلنا: هو قوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ [الحج: ٢٧]، أي: أعلم الناس بالحج أو ناد فيهم بالحج ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾، أي: على أرجلهم، وليس المعنى ضد الإناث، والدليل على أنهم على أرجلهم ما بعدها ﴿وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ [الحج: ٢٧].
وهذه قاعدة مفيدة في التفسير، فإنه قد يعرف معنى الكلمة بما يقابلها.
ومثلها قوله تعالى ـ وهو أخفى من الآية التي معنا ـ ﴿فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ [النساء: ٧١] فمعنى ثبات متفرقين، مع أن ثبات يبعد جداً أن يفهمها الإنسان بهذا المعنى، لكن لما ذكر بعدها ﴿أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا﴾ علم أن المراد بالثبات المتفرقون.
والتثنية في التلبية هل المقصود بها حقيقة التثنية، أي أجبتك مرتين، أو المقصود بها مطلق التكثير؟
(١) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب قصة يأجوج ومأجوج (٣٣٤٨) ومسلم في الإيمان/ باب قوله: «يقول الله لآدم» (٢٢٢) عن أبي سعيد الخدري ﵁.