الخطاب ﵄:«أن النبي ﷺ سئل ما يلبس المحرم»؟ قال:«لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف»(١)، فذكر خمسة أشياء لا تلبس مع أنه سئل عن الذي يلبس، فأجاب بما لا يلبس، ومعنى هذا أنه يلبس المحرم ما سوى هذه الخمسة، وإنما عدل عن ذكر ما يلبس إلى ذكر ما لا يلبس؛ لأن ما لا يلبس أقل مما يلبس.
وقوله:«وإن لبس ذكر مخيطاً» عبّر بلبس المخيط، ولكن النبي ﷺ الذي أعطي جوامع الكلم لم يعبر بلبس المخيط مع أنه أعم مما عينه، وإنما ذكر أشياء معينة عينها بالعد، وكان ينبغي للمؤلف وغيره من المؤلفين، أن يذكروا ما ذكره النبي ﷺ، كما ذكرنا فيما سبق أن المحافظة على لفظ النص حتى في سياق الأحكام أولى.
ويذكر أن أول من عبَّر بلبس المخيط إبراهيم النخعي ﵀، وهو من فقهاء التابعين؛ لأنه في الفقه أعلم منه في الحديث، ولهذا يعتبر فقيهاً، فقال:«لا يلبس المخيط»، ولما كانت هذه العبارة ليست واردة عن معصوم صار فيها إشكال:
أولاً: من حيث عمومها.
والثاني: من حيث مفهومها.
لأننا إذا أخذنا بعمومها حرمنا كل ما فيه خياطة؛ لأن المخيط اسم مفعول بمعنى مخيوط، ولأن هذه العبارة توهم أن ما