مثال ذلك: الحمامة، مثلها شاة، فالشاة جزاء الحمامة؛ لقوله تعالى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥]، والمشابهة بينهما في شرب الماء، فالشاة تعبُّ الماء عبَّا، والحمامة تعُبُّه عبًّا كمص الصبي للثدي، والدجاجة إذا ملأت منقارها رفعت رأسها لينزل الماء، لكن الحمامة إذا وضعت منقارها في الماء لا ترفع رأسها حتى تروى، وكذلك الشاة.
فهذا رجل محرم قتل حمامة، نقول: أنت بالخيار اذبح شاة وتصدق بها على فقراء الحرم، أو قوِّم الشاة بدراهم، وأخرج بدل الدراهم طعاماً، ولا تخرج الدراهم؛ لأنه قال: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾ فإذا قدرنا الشاة بمائتي ريال، وقدرنا الطعام كل صاع بريال، فتكون مائتي صاع يساوي ثمانمائة مد، فنقول: إن شئت أخرج الطعام، وإن شئت اعدل عن الطعام وصم ثمانمائة يوم؛ لأنه عن كل مد يوماً فسيختار إما الشاة، وإما الإطعام؛ لأن الصيام سيكون شاقاً، لكن ـ الحمد لله ـ الأمر واسع؛ لأنه على التخيير.
ومن الذي يقدر المثل؟
الجواب: قال الله تعالى: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥]«يحكم به» أي: بالمثل «ذوا عدل منكم»، فالواحد لا يكفي فلا بد من اثنين، وسيأتينا ـ إن شاء الله ـ في الباب الذي يليه أن ما قضت به الصحابة ﵃ وجب الرجوع إليه، وما لم تقض به الصحابة يقضي به رجلان.
قوله:«وبما لا مثل له بين إطعام وصيام»، وهذا هو النوع