مذكوراً في القرآن، لكن جاءت به السنة، والسنة تكمل القرآن.
وقوله:«صام عشرة ثم حل» يقتضي وجوب الصوم وأنه لا يحل حتى يصوم العشرة ثم يحل، ودليلهم في ذلك القياس على التمتع؛ لأن كلًّا منهما ترفه بالتحلل من الإحرام.
لكن هذا القياس قياس مع الفارق ومخالف لظاهر النص.
ووجه ذلك أن الحكمين في آية واحدة، حكم الإحصار وحكم التمتع، ومنزل الآية واحد، وعالم بالأحكام ـ جل وعلا ـ، قال في التمتع: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ﴾ [البقرة: ١٩٦]، وقال في الإحصار: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] فانتقل إلى حكم آخر ولم يذكر الصوم.
ولو كان الحكم واحداً، فهل يذكر الله ﷿ البدل في التمتع ولا يذكره في الإحصار؟!
الجواب: لا يمكن؛ لأنه لما سكت الله ﷿ عن الصيام في الإحصار، وأوجبه في التمتع لمن عدم الهدي، دل على أن من لم يجد الهدي من المحصرين، فليس عليه شيء فيحل بدون شيء.
ثم إن الظاهر من حال كثير من الصحابة ﵃ أنهم فقراء، ولم ينقل أن النبي ﷺ أمرهم بالصيام، والأصل براءة الذمة، وفي كفارة القتل أوجب الله عتق الرقبة، وقال: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢] ذكر خصلتين فقط، وفي كفارة الظهار أوجب الله ﷿ عتق الرقبة فقال: ﴿فَمَنْ