والفوات أن يطلع فجر يوم النحر قبل أن يقف بعرفة، فيفوته الحج، ويلزمه دم لفواته إذا لم يكن اشترط، وكذا الدم الواجب لترك واجب إذا عدمه يصوم عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع.
مثاله: لو ترك رمي الجمرات فيلزمه دم، فإن عدمه صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع؛ والعلة القياس على دم المتعة، ولكن هذا فيه نظر؛ لأن هناك فرقاً بين دم المتعة، وبين ترك الواجب.
فالدم الواجب لترك الواجب دم جبران للنقص، والدم الواجب للمتعة والقران دم شكران للتمام، فكيف نقيس هذا على هذا؟
لعلنا لا نعارض في وجوب الدم على من ترك الواجب، بمعنى عسى أن نلزمه بالدم؛ لأنه لا دليل على إيجاب الدم على من ترك الواجب إلا أثر ابن عباس ﵄ أنه قال:«من نسي شيئاً من نسكه، أو تركه فليهرق دماً»(١)، فالرسول ﵊ لم يرد عنه أن من ترك واجباً فعليه دم.
لكن هذا الأثر تلقاه العلماء بالقبول، وقالوا: من ترك شيئاً من نسكه فعليه دم، مع أنهم لا يقولون بإطلاقه، ولو قلنا بإطلاقه، لقلنا من ترك الاضطباع فعليه دم، ومن ترك صلاة ركعتين خلف المقام فعليه دم، ومن ترك الوقوف عند المشعر الحرام حتى يسفر فعليه دم، فيحملونه على من ترك شيئاً من نسكه الواجب أو نسيه.
قالوا: وله، ـ أي: لأثر ابن عباس ـ حكم الرفع، ولكن قد يقال: هذا ليس له حكم الرفع؛ لأن ما يثبت له حكم الرفع ما قاله الصحابي وليس للرأي فيه مجال، وهنا ربما يكون للرأي فيه مجال، فربما يرى ابن عباس ﵄، أنه إذا كان انتهاك النسك بفعل المحظور موجباً للدم، فانتهاك النسك بترك المأمور مثله، فيكون للرأي فيه مجال.
فلا يستقيم الاستدلال به على وجوب الدم بترك الواجب، أو صيام عشرة أيام على من عدمه.
(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٤١٩)، والدارقطني (٢/ ٢٤٤)، والبيهقي (٥/ ٣٠)، موقوفاً، وقال في التعليق المغني: «رواته كلهم ثقات»، وقال ابن حجر في «التلخيص» (٩٧٢): «وأما المرفوع فقد رواه ابن حزم … وأعله بعلي بن أحمد المقدسي، وشيخه أحمد بن علي بن سهل المروزي … وقال: هما مجهولان».