للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل ذلك أن النبي أعلن هذا التحريم عام فتح مكة، فقال: «إن الله حرمه يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة»، وقال فيه: «لا ينفر صيدها» (١)، فإذا كان تنفير صيدها حراماً، فقتله حرام من باب أولى، وفي هذا الخبر المؤكد دليل على أنه لا يمكن نسخ تحريم مكة؛ لأنه جعل الغاية يوم القيامة.

وقوله: «يحرم صيده على المحرم والحلال»، أضاف الصيد إلى الحرم، وعلى هذا فصيد الحل إذا دخل في الحرم لا يحرم، لكن يجب إزالة اليد المشاهدة عنه وإطلاقه، ولا يجوز ذبحه في الحرم، بل ولا إبقاءُ اليد المشاهدة عليه، وهذا هو المشهور من المذهب.

والصحيح أن الصيد إذا دخل به الإنسان وهو حلال من الحل، فهو حلال؛ لأنه ليس صيداً للحرم، بل هو صيد لمالكه، وقد كان الناس يبيعون ويشترون الظباء والأرانب في قلب مكة في خلافة عبد الله بن الزبير (٢)، من غير نكير، وهذا يدل على أن الصيود التي يدخل بها من الحل، وتباع في مكة حلال بيعها وشراؤها وذبحها وأكلها، وليس فيه إثم.

مسألة: ظاهر كلام المؤلف أن الصيد البحري لا يحرم صيده إذا كان في الحرم، وعلى المذهب إذا كان في الحرم فهو حرام، ولكن لا جزاء فيه.


(١) أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب لا يحل القتال بمكة (١٨٣٤)؛ ومسلم في الحج/ باب تحريم مكة (١٣٥٣) عن ابن عباس .
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٨٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>