فإن لم يتيسر له الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، لازدحام المكان وتيسر له في الأشواط الثلاثة الأخيرة لخفة الزحام فلا يقضى؛ لأن الرمل سنة في الأشواط الثلاثة الأولى، وقد فات محلها، ولأنه إذا رمل في الأشواط الأخيرة خالف السنة، إذ السنة في الأشواط الأخيرة المشي دون الرمل.
والرمل في الأشواط كلها بدعة ينهى عنها مع ما فيه من الإشقاق على النفس.
فإن قال قائل: لماذا لم يكن الرمل في أشواط أربعة.
فالجواب: قلنا: الحكمة على ذلك ما يلي:
أولاً: التخفيف على الطائفين.
ثانياً: من أجل أن يقطع على وتر؛ لأن الطواف كله مبني على وتر، فلو قلنا يرمل في الأربعة الأولى لقطع على شفع، ولو قلنا يرمل في خمسة لكان فيه مشقة، فلهذا كانت الحكمة تقتضي أن يكون في الأشواط الثلاثة الأولى، كما فعل النبي ﷺ.
فإن قال قائل: إذا دار الأمر بين أن أرمل مع البعد عن الكعبة وبين أن أمشي مع القرب، فأيهما أقدم؟
فالجواب: قدم الأول فارمل، ولو بعدت عن الكعبة؛ لأن مراعاة الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من مراعاة الفضيلة المتعلقة بزمانها، أو مكانها».