لأنه إذا مر بالركن اليماني مر وهو في طوافه، وإذا انتهى إلى الحجر الأسود انتهى طوافه قبل أن يحاذيه تمام المحاذاة وعليه فلا يستلم الحجر الأسود ولا يكبر أيضاً؛ لأن التكبير تابع للاستلام، ولا استلام حينئذ ولأن التكبير في أول الشوط، وليس في آخر الشوط.
وقوله:«يستلم الحجر والركن اليماني كل مرة»، وهما معروفان، والركن اليماني إنما سمي يمانياً؛ لأنه من جهة اليمن، ويطلق عليه هو والحجر الركنان اليمانيان، فالكعبة ذات أركان أربعة، الحجر والركن اليماني، والشمالي، والغربي، فيستلم الركن اليماني، والحجر، ولا يستلم الركن الشمالي والغربي.
وقد طاف أمير المؤمنين معاوية ﵁ ذات يوم فجعل يستلم الأركان الأربعة فأنكر عليه ابن عباس ﵄ فقال له معاوية: إنه ليس شيء من البيت مهجوراً، فعلل بعلة عقلية، والعلة العقلية قد تكون ساقطة.
قال له ابن عباس ﵄:«لقد كان لكم في رسول الله ﷺ أسوة حسنة، ولم يستلم النبي ﷺ من البيت إلا الركنين اليمانيين، فقال: صدقت»(١)، وكف عن استلام الركن الشمالي والغربي؛ لأن الصحابة ﵃ يريدون الحق
(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢١٧)؛ والطحاوي في «شرح المعاني» (٢/ ١٨٤)، وأصل الحديث في البخاري (١٦٠٨) عن أبي الشعثاء معلقاً، ووصله أحمد (١/ ٢٤٦، ٣٣٢، ٣٧٢)؛ والترمذي (٨٥٨)؛ وعبد الرزاق (٨٩٤٤)؛ والطبراني (١٠٦٣١)؛ والبيهقي (٥/ ٧٧).