حجر إسماعيل، ـ وسبحان الله ـ كيف يكون حجر إسماعيل وإسماعيل لم يعلم به؟! وقد بُنِيَ بعده بأزمان كثيرة؛ لأن سبب بنائه كما ثبت في الصحيح أن قريشاً لما بنت الكعبة قصرت بهم النفقة، وقد أجمعوا على أن يكون البناء من كسب طيب، فقالوا: لا بد أن نبني البعض، وندع البعض، وأنسب شيء يدعونه أن يكون الناحية الشمالية، وجعلوا هذا الجدار وسمي الحجر؛ لأنه محجر.
وقد قال النبي ﷺ لعائشة:«لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم، وجعلت لها بابين باباً يخرج منه الناس وباباً يدخلون منه»(١)، لكن ترك ذلك خوفاً من الفتنة، إلا أن الله ﷾ حقق ما أراده الرسول ﷺ بدون مضرة، فلو أنها بنيت على قواعد إبراهيم، وجعل لها باب يدخل منه الناس، وباب يخرجون منه، لهلك الناس، ولا سيما في الأزمنة الأخيرة، حيث يتقاتلون على ما هو دون الكعبة بكثير؛ فما ظنكم لو دخل الناس من هذا الباب، والكعبة مسقوفة وضيقة؟ لأهلك الناس بعضهم بعضاً، لكن حصل مراد الرسول ﷺ بهذا الحجر، فجعل للحجر ـ وهو من الكعبة ـ بابان، باب يدخل منه الناس، وباب يخرجون منه، مع كونه مكشوف الفضاء فانتفى الضرر مع حصول المقصود، وهذا من حكمة الله ﷿ ورحمته.
(١) أخرجه البخاري في العلم/ باب من ترك بعض الاختيار … (١٢٦)؛ ومسلم في الحج/ باب نقض الكعبة (١٣٣٣) عن عائشة ﵂.