كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع

باب صفة الحج والعمرة - فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة وكلها موقف إلا بطن عرنة - ج: 7 - ص: 287

وينزل إلى أن تزول الشمس، فإذا زالت الشمس ركب من نمرة إلى عرفة، ورسول الله ﷺ: «ركب من نمرة حتى أتى بطن الوادي، بطن عرنة، فنزل في بطن الوادي»، والظاهر عندي والله أعلم أن نزوله في بطن الوادي؛ لأن بطن الوادي في الغالب يكون رملياً، فيكون فيه لين وسهولة على الناس للجلوس وللصلاة ثم خطب الناس خطبة بليغة قرر فيها قواعد الإسلام، وشيئاً كثيراً من أحكامه، وأعلن في تلك الخطبة، أن ربا الجاهلية موضوع، وأن أول رباً يضعه ربا العباس بن عبد المطلب؛ لأنه عمه، وفي هذا دليل على أن الربا الثابت في ذمم الناس يجب وضعه، ولا يجوز أخذه حتى وإن عقد قبل إسلام العاقد، أما ما قبض من قبل من ربا، وأتى الإنسان موعظة من الله فإنه له، لكن ما بقي في ذمم الناس فإنه لا تتم التوبة منه إلا إذا تركه ولم يقبضه، وتأمل قول الرسول ﷺ في هذا الموقف العظيم: «أول رباً أضع ربا العباس» (١)؛ لأنه قريبه، والحاكم لا يحابي أقاربه في حكم الله، بل يبدأ بهم قبل الناس، حتى يعلم أنه ليس عنده محاباة في دين الله.

وكان عمر بن الخطاب ﵁ إذا منع الناس من شيء جمع أهل بيته وقال لهم: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، والناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أوتى برجل منكم وقع في شيء مما نهيت عنه الناس إلا أضعفت لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر (٢).

---

(١) سبق تخريجه ص (٧٦) من حديث جابر ﵁.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» رقم (٣٠٦٤٠)، (٦/ ١٩٩).