على أن الرسول ﷺ خطب بعد الزوال وليس بعد الزوال مباشرة؛ لأنه لما زالت الشمس كان في نمرة، فأمر بناقته فرحلت له ثم سار على الإبل حتى أتى بطن الوادي، ونزل وخطب الناس خطبة طويلة مفيدة، ثم أمر بلالاً فأذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم ركب حتى أتى الموقف، والموقف من بطن عرنة بعيد وإذا لحق الإنسان ملل؛ فلا حرج أن يستريح إما بنوم، أو بقراءة قرآن، أو بمذاكرة مع إخوانه، أو بمدارسة القرآن، أو في أحاديث تتعلق بالرحمة، والرجاء، والبعث والنشور وأحوال الآخرة حتى يلين ويرق قلبه، والإنسان طبيب نفسه في هذا المكان.
لكن ينبغي أن يغتنم آخر النهار بالدعاء، ويتفرغ له تفرغاً كاملاً.
وهنا نسأل: هل الأفضل أن يدعو كل واحد لنفسه، أو أن نجعل إماماً يدعو بنا؟
الجواب: الأفضل أن كل إنسان يدعو لنفسه، لكن لو جاءك إنسان، وقال: ادع الله بنا، ورأيت منه التشوف إلى أن تدعو وهو يؤمِّن فإنه لا بأس في هذه الحال أن تدعو تطييباً لقلبه، وربما يكون في ذلك خشوع أيضاً، وإذا شعر الإنسان أن الناس كلهم يلتفون حوله ويؤمِّنون، وربما يكون بعضهم قريب الخشوع فيخشع ويبكي فيخشع الناس، فهذا لا بأس به فيما يظهر لي.