للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمار لإقامة ذكر الله» (١)، فالحكمة إقامة ذكر الله، وتعظيم الله ﷿، وتمام التعبد؛ لأن كون الإنسان يأخذ حصى يرمي به هذا المكان يدل على تمام انقياده، إذ إن النفوس قد لا تنقاد إلى الشيء إلا بعد أن تعرف المعنى الذي من أجله شرع، وأما ما يذكر من أن الرمي هنا إنما هو لإغاظة الشيطان، فإن هذا لا أصل له، إلا أن يكون من حيث عموم العبادة لأن الشيطان يغيظه أن يقوم العبد بطاعة الله، وعلى هذا المفهوم الذي لا أصل له صار بعض العامة إذا أقبل على الجمرة أقبل بانفعال شديد، وغضب شديد محمر العينين يضرب بأكبر حصاة يجدها، وبالنعال، والخشب وربما قال أقوالاً منكرة من السب واللعن لهذه الشعائر.

قوله: «ولا يجزئ الرمي بغيرها» أي: بغير الحصى، حتى ولو كان ثميناً، قال في الروض: «كجوهر، وذهب، ومعادن»، لأن المسألة تعبدية، فلو رميت بجوهر، أو بألماس، أو بحديد، أو بخشب أو طين، أو إسمنت، فلا يجزئ، لكن لو كان في كسر الإسمنت حصا لأجزأ الرمي بها.

قوله: «ولا بها ثانياً»، أي: لا يجزئ الرمي بها ثانياً بأن ترمى بحصاة رُمِيَ بها، وعللوا بما يلي:

أولاً: أن الماء المستعمل في الطهارة الواجبة لا يرفع


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٦٤) وأبو داود في المناسك/ باب في الرمل (١٨٨٨) والترمذي في الحج/ باب ما جاء كيف ترمى الجمار؟ (٩٠٢) وابن خزيمة (٢٩٧٠) والحاكم (١/ ٤٥٩) عن عائشة وصححه ابن خزيمة والحاكم ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>