قوله:«ويتضلع منه»، أي: يملأ بطنه حتى يمتلئ ما بين أضلاعه؛ لأن هذا الماء خير، وقد ورد حديث في ذلك لكن فيه نظر وهو:«أن آية ما بيننا وبين المنافقين إنهم لا يتضلعون من ماء زمزم»(١)، لأن المؤمن يؤمن بأنه شفاء، ونافع، والمنافق لا يؤمن بهذا، فالمنافق لا يشرب منه إلا عند الضرورة لدفعها فقط، والمؤمن يتضلع رجاء بركته التي جاءت في الحديث:«ماء زمزم لما شرب له»، وذلك لأن ماء زمزم ليس عذباً حلواً، بل يميل إلى الملوحة، والإنسان المؤمن لا يشرب من هذا الماء الذي يميل إلى الملوحة إلا إيماناً بما فيه من البركة، فيكون التضلع منه دليلاً على الإيمان.
قال بعضهم: ويستقبل القبلة، ولكن هذا ضعيف لأن النبي ﷺ شرب من زمزم ولم يرد عنه أنه استقبل القبلة ولا أنه رفع يديه يدعو بعد ذلك.
فإن قال قائل: هل يفعل شيئاً آخر كالرش على البدن وعلى الثوب، أو أن يغسل به أثواباً يجعلها لكفنه، كما كان الناس يفعلون ذلك من قبل؟
فالجواب: لا، فنحن لا نتجاوز في التبرك ما ورد عن النبي ﷺ، وهذا لم يرد عن النبي ﷺ، فلا نتجاوز إليه، فما ثبت عن الرسول ﷺ أخذنا به وإلا فلا.
قوله:«ويدعو بما ورد»، أي: إذا شرب من ماء زمزم دعا بما ورد.
(١) أخرجه ابن ماجه في المناسك/ باب الشرب من زمزم (٣٠٦١)؛ والدارقطني (٢/ ٢٨٨)؛ والبيهقي (٥/ ١٤٦) عن ابن عباس ﵄، وضعفه الألباني في «الإرواء» (٤/ ٣٢٥).