للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقوال، وأصح الأقوال أنه ركن لا يتم الحج إلا به، والدليل على ذلك ما يلي:

أولاً: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨].

ثانياً: قول النبي : «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي» (١).

ثالثاً: قول عائشة : «والله ما أتم الله حج رجل ولا عمرته لم يطف بهما» (٢)، أي: بالصفا والمروة.

فإن قال قائل: كيف تقولون: إن السعي بين الصفا والمروة ركن، وقد قال الله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ ونفي الجناح لا يدل على الوجوب، بل يدل على رفع الإثم فقط، فكيف تجعلونه ركناً لا يصح الحج إلا به؟! هذا إيراد وارد.

قلنا: إن قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ يكفي دليلاً في مشروعية السعي حيث جعلهما من شعائر الله، وقد قال الله تعالى: ﴿ومَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ والطواف بهما تعظيم لهما، فيكون قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ دليلاً على أن من طاف بهما فقد عظم شعائر الله وأنه لا جناح عليه.

وأما قوله: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾، فهذا رفع توهم وقع من بعض الناس حين نزول الآية، وذلك أنه كان على


(١) سبق تخريجه ص (٢٦٩).
(٢) أخرجه مسلم في الحج/ باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن … (١٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>