للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «وأكل اللحم» يشمل النِّيء والمطبوخ؛ لأنَّه كلَّه يُسمَّى لحماً. وخرج بقوله: «أكلُ» ما لو مضغه ولم يبلعه، فإِنه لا ينتقض وضوءُه؛ لأنه لا يُقال لمن مضغ شيئاً ثم لفظه: إنه أكله.

وقوله: «خاصَّة» يعود إلى اللَّحم لا إلى الجزور؛ لأن قوله «الجزور» يُغني عن «خاصَّة».

وخرج بكلمة «خاصَّة» ما عدا اللحم كالكِرْش، والكبد، والشَّحم، والكلية، والأمعاء، وما أشبه ذلك.

والدَّليل على ذلك:

١ - أن هذه الأشياء لا تدخل تحت اسم اللَّحم، بدليل أنك لو أمرت أحداً أن يشتريَ لك لحماً، واشترى كرشاً؛ لأنكرت عليه، فيكون النقضُ خاصًّا باللَّحم الذي هو «الهَبْرُ» (١).

٢ - أنَّ الأصل بقاءُ الطَّهارة، ودخولُ غير «الهَبْر» دخولٌ احتماليٌّ، واليقينُ لا يزول بالاحتمال.

٣ - أنَّ النَّقْضَ بلحم الإِبل أمرٌ تعبُّديٌّ لا تُعرف حكمته، وإِذا كان كذلك، فإِنه لا يمكن قياس غير الهَبْرِ على الهَبْر؛ لأن من شرط القياس أن يكون الأصل معلَّلاً، إِذ القياس إِلحاق فرع بأصل في حُكم لِعلَّةٍ جامعة، والأمور التعبُّدية غير معلومة العِلّة وهذا هو المشهور من المذهب.

والصَّحيح: أنه لا فرق بين الهَبْرِ وبقيَّة الأجزاء، والدَّليل على ذلك: ....


(١) الهَبْرَةُ: القطعة من اللحم لا عظم فيها. «المحيط» مادة (هَبَرَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>