أولاً: هذا الحكم صدر من عبد الله بن عباس ﵄ وله حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال بالرأي.
ثانياً: على فرض أن مثله يقال بالرأي وأن ابن عباس ﵄ اجتهد فأداه اجتهاده إلى وجوب الدم، فإنه قول صحابي لم يظهر له مخالف فكان أولى بالقبول من قول غيره، وهذا الاحتمال على تقدير أنه لم يثبت له حكم الرفع، وأنه قاله بالاجتهاد.
وكيف يكون بالاجتهاد؟
الجواب: لأنه ﵁ رأى أنَّ تركَ ما يجب كفعل ما يحرم، كلاهما انتهاك للنسك، وفعل ما يحرم ثبت بالنص القرآني أن فيه نسكاً، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: ١٩٦]، وابن عباس ﵄ اختار أكمل الثلاثة فقال:«من ترك شيئاً من نسكه أو نسيه فليهرق دماً»، فيكون هذا الرأي مبنياً على اجتهاد، وهو قياس انتهاك النسك بترك الواجب على انتهاكه بفعل المحظور، فوجب الدم.
ونحن نقول: إن ثبت هذا من جهة النظر، أي إن سُلِّمَ الدليل من جهة النظر، وأن في ترك الواجب دماً فذاك، وإن لم يسلم، وقيل: الأصل براءة الذمة، وقول الصحابي المبني على الاجتهاد كقول غيره من الناس فيقال: في إيجاب الدم بترك الواجب مصلحة، وهي حفظ الناس عن التلاعب، فلو قيل: ليس