وإِذا دلَّت السُّنَّة على الوُضُوء من ألبان الإِبل، فإِن هذه الأجزاء التي لا تنفصل عن الحيوان من باب أَوْلَى. وعلى هذا يكون الصَّحيحُ أنّ أكل لحم الإِبل ناقضٌ للوُضُوء مطلقاً، سواءٌ كان هَبْراً أم غيره.
وقوله:«من الجزور» أي: البعير، وخرج به اللحم من غير الجزور، وإِن شارك الجزور في الحكم كالبقرة، فإِنها تُسمَّى بدنة وتجزئ عنها في الهدي والأضاحي، ومع ذلك فإِنَّ لحمها لا يَنْقُضُ الوُضُوء، وكذلك اللحم المحرَّم لا ينقض الوضوء، كما لو اضطر إِنسانٌ إِلى أكلِ لحم حمار أو ميتة فإِنه لا ينقض الوُضُوء، وكذا لو أكل اللحم المحرَّم لغير ضرورة، فإِنه لا ينقض وضوءه، لأن الأصل بقاء الطهارة.
وقوله:«من الجزور» ظاهره أنه لا فرق بين القليل والكثير، والمطبوخ والنِّيء، وسواء كانت الجزور كبيرة أم صغيرة لا تجزئ في الأضحية لعموم الحديث. ولا يُقال: إِنَّ لحم الصَّغير يُترفَّه به كلحم الضأن، فلا يوجب الوُضُوء؛ لأن هذه علَّة مظنونة، والعموم أقوى منها، فنأخذ به.
وهذا النَّاقض من نواقض الوُضُوء هو من مفردات مذهب أحمد ﵀ واستدلُّوا على ذلك بما يلي: