للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «العوراء والعجفاء والعرجاء والمريضة»، هذه الأربع نص عليها النبي : «فقد سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ قال: أربع وأشار بأصابعه العوراء» (١)، لكن النبي قيدها بأنها بينة العور فقال: «العوراء البين عورها» (٢)، وهي التي تكون عينها ناتئة أو غائرة، وهل هناك عوراء غير بيِّن عورها؟

الجواب: نعم، فلو فرضنا أنها لا تبصر بعينها، ولكن إذا نظرت إلى العين ظننتها سليمة، فهذه عوراء ولم يتبين عورها، فتجزئ، ولكن السلامة من هذا العور أولى، والحكمة من ذلك تشويه المنظر من وجه، وقلة الغذاء من وجه آخر، فتشويه المنظر ظاهر، وقلة الغذاء؛ لأنها لا تنظر إلا من جانب واحد، فيقل استيعابها للغذاء، فربما ترعى جانب الشجرة ولا ترعى الجانب الآخر. ويقاس عليها العمياء من باب أولى؛ لأنه إذا كان فقد العين الواحدة مانعاً ففقد العينين من باب أولى.

وقال بعض العلماء أهل الاستحسان بالعقول: إن العمياء تجزئ وإن كانت العوراء لا تجزئ؛ لأن العوراء إنما منع منها لكون رؤيتها ناقصة، ترعى من جانب واحد، أما العمياء فإن صاحبها سيأتي لها بالعلف فلا يلحقها نقص، فتكون كالبصيرة.

وهذا قياس غريب، فيقال: هل هذه العمياء معيبة أو غير معيبة؟


(١) سبق تخريجه ص (٨٩).
(٢) وفي رسالة الأضحية للمؤلف ص (٦٣): «العوراء البين عورها: وهي التي انخسفت عينها أو برزت، فإن كانت عوراء لا تبصر بعينها، ولكن عورها غير بين أجزأت، والسليمة من ذلك أولى … فأما العشواء التي تبصر في النهار، ولا تبصر بالليل فصرح الشافعية بأنها تجزئ؛ لأن ذلك ليس عوراً بيناً».

<<  <  ج: ص:  >  >>