للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبيعها إذا تعينت، فكذلك إذا ذبحت فإنها تتعين بالذبح، ويحسن أن نضيف هذا ـ أيضاً ـ إلى ما سبق من أنها تتعين بالقول، وبالفعل الدال على التعيين، وبالذبح؛ لأنها إذا ذبحت لم يعد يملك التصرف فيها.

وقوله: «ولا يبيع جلدها» بعد الذبح؛ لأنها تعينت لله بجميع أجزائها، وما تعين لله فإنه لا يجوز أخذ العوض عليه، ودليل ذلك حديث عمر بن الخطاب : أنه حمل على فرس له في سبيل الله يعني أعطى شخصاً فرساً يجاهد عليه، ولكن الرجل الذي أخذه أضاع الفرس ولم يهتم به، فجاء عمر يستأذن النبي في شرائه حيث ظن أن صاحبه يبيعه برخص، فقال له النبي : «لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم» (١)، والعلة في ذلك أنه أخرجه لله، وما أخرجه الإنسان لله فلا يجوز أن يرجع فيه، ولهذا لا يجوز لمن هاجر من بلد الشرك أن يرجع إليه ليسكن فيه؛ لأنه خرج لله من بلد يحبها فلا يرجع إلى ما يحب إذا كان تركه لله ﷿، ولأن الجلد جزء من البهيمة تدخله الحياة كاللحم.

وقوله: «ولا شيئاً منها»، أي لا يبيع شيئاً من أجزائها، ككبد، أو رجل، أو رأس، أو كرش، أو ما أشبه ذلك، والعلة ما سبق.

وظاهر كلام المؤلف أنه لا يبيع شيئاً من ذلك ولو صرفه


(١) أخرجه البخاري في الزكاة/ باب هل يشتري صدقته (١٤٩٠)، ومسلم في الهبة/ باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به (١٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>