للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: في هذه الحال نقول: دفع ضرورة المسلمين أولى؛ لأن فيها إنقاذاً للأرواح، وأما الأضحية فهي إحياء للسنة، فقد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.

قوله: «ويسن أن يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثاً»، أي: يشرع، لا على وجه الوجوب، بل على وجه الاستحباب أن يقسمها أثلاثاً، فيأكل الثلث، ويهدي بالثلث، ويتصدق بالثلث.

والفرق بين الهدية والصدقة: أن ما قصد به التودد والألفة فهو هدية؛ لما جاء في الحديث: «تهادوا تحابوا» (١)، وما قصد به التقرب إلى الله فهو صدقة، وعلى هذا فتكون الصدقة للمحتاج، والهدية للغني.

وقوله: «أثلاثاً» أي ثلثاً للأكل، وثلثاً للهدية، وثلثاً للصدقة؛ لأجل أن يكون انتفاع الناس على اختلاف طبقاتهم في هذه الأضحية، وقدم الأكل؛ لأن الله قدمه فقال: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨].

وقوله: «ويسن أن يأكل».

ظاهره: أنه لو تصدق بها كلها فلا شيء عليه ولا إثم عليه، وهذا بناء على أن الأكل من الأضحية سنّة كما هو قول جمهور العلماء.

وقال بعض أهل العلم: بل الأكل منها واجب يأثم بتركه؛


(١) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٥٩٤)؛ والبيهقي (٦/ ١٦٩) عن أبي هريرة ، وعزاه الحافظ في البلوغ (٩٣٥) إلى أبي يعلى وحسن إسناده.

<<  <  ج: ص:  >  >>