والدليل على ذلك قول النبي ﷺ:«إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً»(١)، والأصل في النهي التحريم.
والحكمة من ذلك أن الله ﷾ برحمته لما خص الحجاج بالهدي، وجعل لنسك الحج محرمات ومحظورات، وهذه المحظورات إذا تركها الإنسان لله أثيب عليها، والذين لم يحرموا بحج ولا عمرة شرع لهم أن يضحوا في مقابل الهدي، وشرع لهم أن يتجنبوا الأخذ من الشعور والأظفار والبشرة لأن المحرم لا يأخذ من شعره شيئاً، يعني لا يترفه، فهؤلاء ـ أيضاً ـ مثله، وهذا من عدل الله ﷿ وحكمته، كما أن المؤذن يثاب على الأذان، وغير المؤذن يثاب على المتابعة، فشرع له أن يتابع.
وقوله:«يحرم»، هذا أحد القولين في المسألة.
والقول الثاني: أنه يكره وليس بحرام.
ولكن الذي يظهر أن التحريم أقرب؛ لأنه الأصل في النهي لا سيما فيما يظهر فيه التعبد، ولأن النبي ﷺ أكد النهي بقوله:«فلا يأخذن»، والنون هذه للتوكيد.
وقوله:«على من يضحي» يفهم منه أن من يُضَحَّى عنه لا حرج عليه أن يأخذ من ذلك، والدليل على هذا ما يلي:
أولاً: أن هذا هو ظاهر الحديث، وهو أن التحريم خاص
(١) أخرجه مسلم في الأضاحي/ باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة أن يأخذ من شعره … (١٩٧٧) عن أم سلمة ﵂.