للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغانمين، وإما أن يوقفها على المسلمين عموماً، ويضرب عليها خراجاً مستمرّاً، فإن قسمها على المسلمين فله في ذلك سلف، وهو النبي ، فإنه قسم أرض خيبر بين المسلمين (١)، وإن لم يقسمها وجعلها وقفاً للمسلمين، وأعطاها الناس وضرب عليها خراجاً مستمرّاً فله في ذلك سلف، وهو عمر بن الخطاب (٢)، فإن عمر بن الخطاب قال: «إذا قسمت الأرض بين المقاتلين الآن لم ينتفع بها من بعدهم»، وهي أرض ليست شيئاً منقولاً تتلف بمرّ الزمن، بل هذه ستبقى أبد الآبدين إلى يوم القيامة، فكوني أقسمها بين الغانمين، وتبقى ملكاً لهم يتوارثونها فيما بينهم، ويتبايعونها فيما بينهم، هذا يحرم بقية أجيال المسلمين، فأنا أبقيها وقفاً وأضرب عليها خراجاً.

والخراج أن يقول مثلاً: كل ألف متر عليه ألف ريال سنويّاً يُؤخذ ممن هي بيده، فإن كانت بيد من عمرها بيتاً أخذ من صاحب البيت، وإذا كانت بيد من زرعها وغرسها أُخذت من الزارع والغارس، وهي تشبه ما يسمى عندنا هنا «بالصبرة»، وما يسمى في الحجاز: «بالحكرة أو الحكورة»، أي: أن تبقى الأرض لا تُملك، للمسلمين، لكن من هي بيده أحق بها من غيره، وعليه مقابل كونه ينتفع بها دراهم يقدرها الإمام، ولهذا قال: «بين قسمها ووقفها على المسلمين»، وهذا التخيير تخيير مصلحة وليس تخيير تَشَهٍّ؛ وذلك للقاعدة التي سبقت (أن من خُيِّر بين شيئين ويتصرف لغيره


(١) - (٢) أخرجه البخاري في الحرث والمزارعة/ باب أوقاف أصحاب النبي (٢٣٣٤)، وانظر: «الأموال» لأبي عبيد ص (٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>