إلى النبي ﷺ يقولون: امنع الذين جاؤوا وأسلموا وألغ الشرط ففعل، والقصة مع أبي بصير ﵁؛ لأن أبا بصير جاء مسلماً من قريش فأرسلوا في طلبه رجلين، فما إن وصل المدينة حتى وصل الرجلان، ثم طلبا من النبي ﷺ أن يرد إليهم هذا الرجل الذي جاء مسلماً فرده إليهم حسب الشرط، ولما كان في أثناء الطريق وجلسوا يتغدون، قال لأحدهم: أرني سيفك هذا فإنه سيف جيد فأراه إياه؛ لأنه قال: هذا الرجل أسير في أيدينا؛ فلما أخذه ضرب به عنقه حتى أطار رأسه، وصاحبه الثاني هرب إلى المدينة وجاء إلى النبي ﷺ فلحقه أبو بصير، وقال: يا رسول الله إن الله أبرأ ذمتك وأوفى بعهدك ورددتني إليهم، ولكن الله أنجاني منهم، فقال النبي ﷺ:«ويل أمه مِسْعَر حرب لو يجد من ينصره» ففهم أبو بصير ﵁ أن الرسول ﷺ سيرده، فخرج من المدينة وجلس على قاعدة في البحر، وصار إذا مرت به تجارة لقريش أغار عليها وأخذها، فسمع به أناس من أهل مكة من الشبان فخرجوا إليه، فصاروا طائفة، وحينئذ عجزت قريش عنهم، فانتهى الأمر بردهم إلى المدينة (١)، والحمد لله.
قوله:«وأمَرَهُ سرّاً بقتالهم والفرار منهم» أي: نعطيه إياهم، ونقول: إن أمكنك أن تقتل أحداً منهم أو تقاتل فافعل، أو أمكنك أن تفر منهم فافعل، لكن إلى حيث لا يصلون إليك، فلا تأت إلينا، فإنك إن أتيتنا رددناك إليهم.