للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً» (١)، وقوله: «لا يبع أحدكم على بيع بعض» (٢)، والأحاديث في هذا كثيرة.

وأما الإجماع فمعلوم بالضرورة من دين الإسلام.

وأما النظر الصحيح فلأن الإنسان يحتاج لما في يد غيره من متاع الدنيا، ولا وسيلة إلى ذلك إلا بالظلم وأخذه منه قهراً، أو بالبيع.

فلهذا كان من الضروري أن يَحِلَّ البيعُ فأحله الله ﷿، وفي حل البيع دليل على شمول الشريعة الإسلامية، وأنها ليست كما قال أعداؤها: لا تنظم إلا المعاملات التي بين الخالق والمخلوق، بل هي تنظم المعاملات بين الخالق والمخلوق، وبين المخلوقين بعضهم مع بعض، وتنظيمها للمعاملة بين المخلوقين بعضهم مع بعض من أهم الأمور؛ لأنه لولا ذلك لأكل الناس بعضهم بعضاً، واعتدى الناس بعضهم على بعض، فكان من الحكمة ومن مقتضى عدل الله ﷿ أن تنظم المعاملات بين الخلق؛ لئلا ترجع إلى أهوائهم وعدوانهم، ثم إن أطول آية في كتاب الله هي آية الدين، وهي في المعاملات بين الخلق فكيف يقال: إن الشريعة الإسلامية تنظم المعاملة بين الخالق والمخلوق فقط؟ ولهذا قال رجل من المشركين لسلمان


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب إذا خير أحدهما صاحبه (٢١١٢)؛ ومسلم في البيوع/ باب ثبوت خيار المجلس (١٥٣١) (٤٤) عن ابن عمر .
(٢) أخرجه البخاري في البيوع/ باب لا يبع على بيع أخيه (٢١٣٩)؛ وأخرجه مسلم في النكاح/ باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه (١٤١٢) (٥٠) عن ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>