للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن تراضٍ» (١).

الثالث: أن النظر الصحيح يقتضي ذلك أيضاً؛ لأننا لو لم نشترط التراضي لأصبح الناس يأكل بعضهم بعضاً، فكل إنسان يرغب في سلعة عند شخص يذهب إليه ويقول له: اشتريتها منك بكذا قهراً عليك، وهذا يؤدي إلى الفوضى والشغب والعداوة والبغضاء.

قوله: «فلا يصح من مكره بلا حق» أي: لا يصح البيع من مكره بلا حق، والمكره هو الملجأ إلى البيع، أي: المغصوب على البيع، فلا يصح من المكره إلا بحق، فلو أن سلطاناً جائراً أرغم شخصاً على أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها، فإن البيع لا يصح؛ لأنها صدرت عن غير تراضٍ، ومثل ذلك ما لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً وخجلاً، فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه ما دمت تعلم أنه لولا الحياء والخجل لم يبع عليك، ولهذا قال العلماء Object: يحرم قبول هدية إذا علم أن الرجل أهداها له على سبيل الحياء والخجل؛ لأن هذا وإن لم يصرح بأنه غير راضٍ، لكن دلالة الحال على أنه غير راضٍ.

وقوله: «فلا يصح من مكره بلا حق» أفادنا Object أنه إذا كان مكرهاً بحق فلا بأس؛ لأن هذا إثبات للحق، أي: إذا أكرهنا الإنسان على البيع بحق، فإن هذا إثبات للحق وليس ظلماً ولا عدواناً.


(١) أخرجه ابن ماجه في التجارات/ باب بيع الخيار (٢١٨٥)؛ وابن حبان (٤٩٦٧) إحسان؛ والبيهقي (٦/ ١٧) عن أبي سعيد الخدري Object.
وقال البوصيري: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».

<<  <  ج: ص:  >  >>