كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع

وهو مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر في دار بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض - وأن يكون العاقد جائز التصرف فلا يصح تصرف صبي وسفيه بغير إذن ولي - ج: 8 - ص: 111

فالأول: أن يكون حرّاً، وضده العبد، والعبد لا يصح بيعه ولا شراؤه إلا بإذن سيده؛ ووجه ذلك أن العبد لا يملك، فما في يد العبد ملك لسيده؛ والدليل على هذا، قول النبي ﷺ: «من باع عبداً له مال فماله لبائعه إلا أن يشترطه المُبتاع» (١)، فهنا نقول: العبد لا يصح بيعه إلا بإذن سيده.

الثاني: أن يكون بالغاً، وضد البالغ الصبي.

ولهذا قال المؤلف: «فلا يصح تصرف صبي وسفيه بغير إذن ولي» حتى وإن كان مراهقاً له أربع عشرة سنة، وكان حاذقاً جيداً في البيع والشراء، فإنه لا يصح بيعه؛ لأنه صغير لم يبلغ.

والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]، فاشترط الله لدفع أموالهم شرطين: بلوغ النكاح وذلك بالبلوغ، والرشد.

الثالث: أن يكون عاقلاً، وضده المجنون، فالمجنون لا يصح تصرفه، ومن ذلك المُهَذْري لا يصح بيعه، فلو أن رجلاً أصيب بالهذرات، أي: هرم وكبر، وجاء إلى إنسان، وقال له: أنا أبيع عليك بيتي وسيارتي فلا يصح البيع منه لفقد العقل، ومن شرط جواز التصرف أن يكون الإنسان عاقلاً.

الرابع: أن يكون رشيداً، والرشيد هو الذي يحسن التصرف في ماله، بحيث لا يبذله في شيء محرم، ولا في شيء لا فائدة منه، كأن يبيع الشيء الذي يساوي مائة بعشرة، أو يشتري ما يساوي عشرة بمائة، فالمهم أنه يحسن التصرف، وضد الرشيد

---

(١) سبق تخريجه ص (٦١).