للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما غارماً، إن قدر عليه فهو غانم، وإن فاته فهو غارم، وهذه هي قاعدة الميسر.

ثانياً: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، ووجه الدلالة أن ما يعجز عن تسليمه لا يرضى به الإنسان غالباً، ولا يقدم عليه إلا رجل مخاطر قد يحصل له ذلك، وقد لا يحصل له.

ثالثاً: حديث أبي هريرة أن النبي نهى عن بيع الغرر، أخرجه مسلم (١)؛ ووجه كونه غرراً أن المعجوز عن تسليمه لا بد أن تنقص قيمته، وحينئذٍ إن تمكن المشتري من تسلُّمِه صار غانماً، وإن لم يتمكن صار غارماً، وهذا هو الضرر.

والذي لا يقدر على تسليمه لا شك أنه غرر، إذ قد يبذل المشتري الثمن ولا يستفيد.

رابعاً: ونستدل عليه ـ أيضاً ـ بالنظر الصحيح، وهو أن المسلمين يجب أن يكونوا قلباً واحداً متآلفين متحابين، وهذا البيع يوجب البغضاء والتنافر؛ وذلك أن المشتري لو حصل عليه لكان في قلب البائع شيء يغبطه ويحسده عليه، ولو لم يقدر عليه لكان في قلب المشتري شيء يغبط البائع ويحسده عليه، وكل ما أدى إلى البغضاء والعداوة فإن الشرع يمنعه منعاً باتّاً؛ لأن الدين الإسلامي مبني على الألفة والمحبة والموالاة بين المسلمين.


(١) في البيوع/ باب بطلان بيع الحصاة (١٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>