والقول الثاني: صحة استثناء الحمل؛ لأن الحمل جزء منفصل، وإذا استثنيت الحمل فكأنني بعت عليك شاة حائلاً ليس فيها حمل.
فإن قال قائل: هذا يضاد نهي النبي ﷺ عن بيع الحمل (١)، قلنا: لا، لا يضاد، وحاشا لله أن نقول قولاً يضاد قول الرسول ﷺ مع علمنا بذلك، ولكن الفرق أن بيع الحمل بيع معاوضة كل يشاح الآخر فيه، أما الاستثناء فهو استبقاء؛ لأن البائع لم يبع شيئاً، والمشتري لم يشتر شيئاً، غاية ما فيه أن البائع استبقى الحمل، والاستبقاء معناه عدم نقل الملك في الحمل، وهذا لا يضر المشتري شيئاً.
فالصواب: جواز استثناء الحمل.
فإن قال قائل: يمكن أن يكون الحمل اثنين أو ثلاثة، قلنا: لا يضر؛ لأنه لا معاوضة فيه، غاية ما هنالك كأنه باع عليه حيواناً حائلاً، وهذا أعني استثناء الحمل يقع كثيراً في الخيل، ويقع ـ أيضاً ـ في البقر، ويقع في الإبل، وربما يقع في الغنم فتكون هذه الأم كثيرة النتاج كثيرة اللبن وفي الخيل سريعة العدو، فيريد أن يأخذ من نتاجها.
مسألة: إذا استثنى شيئاً معيناً منه، مثاله:
قال: بعتك هذه الشاة إلا رطلاً من لحمها، فالفقهاء يقولون: لا يجوز؛ لأن الرطل معلوم واللحم مجهول، واستثناء المعلوم من المجهول يُصيره مجهولاً.