للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ ـ استدلَّ بعضهم بقوله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: ١٢٥].

وجه الدَّلالة: أنه إِذا وَجَبَ تطهير مكان الطَّائف، فتطهيرُ بَدَنِهِ أَوْلَى، وهذا قَول جمهورِ العلماء (١).

وقال بعض العلماء: إِنَّ الطَّوافَ لا تُشْتَرطُ له الطَّهارة، ولا يَحْرُمُ على المُحْدِثِ أنْ يَطُوفَ، وإِنَّما الطَّهارة فيه أَكْمَل (٢).

واسْتَدَلُّوا: بأنَّ الأَصْلَ بَراءة الذِّمَّة حتى يقوم دليلٌ على تحريمِ هذا الفِعْل إِلاَّ بهذا الشَّرط، ولا دليلَ على ذلك، ولمْ يَقُل النبيُّ يوماً من الدَّهْر: لا يقبل الله طَوَافاً بغيرِ طهور، أو: لا تطوفوا حتى تطَّهَّروا. وإِذا كان كذلك فلا نُلْزِم الناس بأمرٍ لم يكن لنا فيه دليلٌ بَيِّنٌ على إِلزامهم، ولا سيَّما في الأحوالِ الحرِجَة كما لو انتقضَ الوُضُوءُ في الزَّحْمَةِ الشَّديدةِ في أيَّامِ الموسِمِ، فَيَلْزمه على هذا القَوْلِ إِعَادَةُ الوُضُوء، والطَّوافِ مِنْ جديد.

وأجابوا عن أدلَّة الجمهور:

أنَّ فِعْلَ النبيِّ المجرَّد لا يدلُّ على الوُجُوبِ، بل يَدلُّ على أنَّه الأفضل، ولا نِزاع في أنَّ الطَّوافَ على طَهَارة أفضل؛ وإِنَّما النِّزاع في كَوْنِ الطَّهارة شَرْطاً لصِحَّة الطَّواف.

وأمَّا حديث عائشة: «افْعَلي ما يفعل الحاجُّ … » إلى آخره، وقوله في صفيَّة: «أحابِسَتنا هي؟». فالحائض إِنما مُنِعَتْ مِنَ ....


(١) انظر: «المغني» (٥/ ٢٢٢).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٧٣)، (٢٦/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>