وباطل أيضاً، وعليه فلا يترتب عليه آثار البيع، فلا يجوز للمشتري التصرف في المبيع؛ لأنه لم يملكه ولا للبائع أن يتصرف في الثمن المعين؛ لأنه لم يملكه، وهذه مسألة خطيرة؛ لأن بعض الناس ربما يتبايعون بعد نداء الجمعة الثاني ثم يأخذونه على أنه ملك لهم.
وظاهر كلام المؤلف أن هذا الحكم شامل حتى فيما يتعلق بنفس صلاة الجمعة، مثل: لو أن إنساناً اشترى ماء للوضوء بعد نداء الجمعة الثاني، فهل يصح أو لا؟ ظاهر كلام المؤلف أنه لا يصح؛ لأنه لم يستثن، والعلماء لا بد أن نأخذ بظاهر كلامهم ثم نبين الصحيح، فهل هذا الظاهر مراد للمؤلف ومقصود له، أو أنه حذف الاستثناء اختصاراً؟ مثل هذه ينظر فيها إذا كانت مسألة إجماعية من أهل العلم فإن المؤلف حذفه اختصاراً لا شك؛ لأنه لا يخرج عن الإجماع، وإذا كانت المسألة خلافية فمعنى ذلك أن المؤلف يختار القول الثاني الذي ليس فيه استثناء، لكن الواقع أنه يستثنى من ذلك ما يتعلق بالصلاة، فإذا لم يكن على وضوء ووجد مع إنسان غير مكلف أو لا تجب عليه الجمعة فإنه يجوز لهذا أن يشتري الماء ليتوضأ به؛ لأن ذلك مما يتعلق بهذه الصلاة.
فإن قيل: إن الآية عامة ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾؟ فالجواب: نعم الآية عامة، ولكننا نقول: ما الحكمة من النهي عن البيع؟ من أجل المحافظة على الصلاة، ولهذا قال: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾، ومن المحافظة عليها أن نأتي بواجباتها، وهذا قادر على أن يأخذ ماء ويتوضأ.