مقتضى العقد أن المشتري يملك المبيع فله غنمه وعليه غرمه، فهو مالك، وقد قال النبي ﵊:«الخراج بالضمان»(١)، أي من له ربح شيء فعليه خسارته، ومعلوم أنه لو ربح هذا المبيع فالربح للمشتري بلا شك، فإذا كان الربح للمشتري فلا يصح أن يشترط الخسارة على البائع.
والدليل على أن الشرط إذا كان مخالفاً لمقتضى العقد يكون باطلاً أن النبي ﷺ أبطل شرط البائع لنفسه الولاء في قصة بريرة، حيث كاتبت أهلها على تسع أواقٍ من الورق وجاءت تستأذن عائشة ﵂ فقالت عائشة: إذا أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي، فذهبت لأهلها فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فأخذتها بهذا الشرط، فلما تم العقد خطب النبي ﷺ وبيّن أن هذا شرط باطل، فقال: «ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة
(١) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٤٩، ٨٠، ١١٦)؛ وأبو داود في البيوع/ باب فيمن اشترى عبداً فاستعمله (٣٥٠٨، ٣٥٠٩، ٣٥١٠)؛ والنسائي في البيوع/ باب الخراج بالضمان (٧/ ٢٥٤)؛ والترمذي في البيوع/ باب ما جاء فيمن يشتري العبد (١٢٨٥)؛ وابن ماجه في التجارات/ باب الخراج بالضمان (٢٢٤٢، ٢٢٤٣)؛ وابن حبان (٤٩٢٧، ٤٩٢٨) عن عائشة ﵂. وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي وصححه أيضاً المنذري في «مختصر أبي داود» (٣٣٦٧) وحسنه البغوي في «شرح السنة» (٢١١٩)؛ وصححه ابن القطان كما في «بيان الوهم والإيهام» (٢٧١٨) وانظر الكلام حول هذا الحديث في: «مختصر أبي داود» للمنذري، و «التلخيص» (١١٨٩)؛ و «الإرواء» (٥/ ١٥٨).