للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا غُبن الإنسان غبناً يخرج عن العادة، فهل له الخيار به أو لا خيار له؟

يرى بعض العلماء أنه لا خيار له إلا إذا اشترط لنفسه وتحفظ، ويستدلون بحديث الرجل الذي شكى لرسول الله أنه يُغبن في البيوع، فقال النبي : «إذا بايعت فقل: لا خلابة»، فكان يبايع ويقول: لا خلابة (١)، فقالوا: إن الرسول جعله يشترط لنفسه أن لا خلابة، أي أن لا غلبة، فلو كان هذا الغبن موجباً للخيار بدون شرط، لقال له الرسول : إذا غبنت فرد ما غبنت به، ولم يقل له: إذا بايعت فقل: لا خلابة.

هذا رأي لبعض العلماء وهو قوي جداً، ويرى آخرون أنه يثبت به الخيار وإن لم يشترط، قالوا: إن هذا من الغش والخيانة، ولو لم نثبت الفسخ لكان في ذلك فتح لباب الغش والخيانة، والشارع يأتي بدرء المفاسد وجلب المصالح، فما دمنا نعرف أن في هذا درءاً للمفسدة وقطعاً على أهل الخيانة والغش طريقهم، فإن الواجب سلوك هذا الطريق، وهذا تعليل قوي، ولكنه يحتاج إلى الإجابة عن الحديث؛ لأن صاحب القول إذا رجح قوله لا بد أن يأتي بالمرجحات، وبالدافعات التي تدفع قول خصمه، فيقولون: إنما أمره الرسول أن يشترط وإن كان ثابتاً له بدون اشتراط، لأمرين:


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب ما يكره من الخداع في البيع (٢١١٧)؛ ومسلم في البيوع/ باب ما يخدع في البيع (١٥٣٣) عن ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>