سوف يشتري بأقل من الثمن، وقد قال النبي ﷺ:«لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه ـ أي: من الجلب ـ فإذا أتى سيده السوق ـ وهو البائع ـ فهو بالخيار»(١)، هذا خيار غبن.
وقوله:«فهو بالخيار» إذا قال قائل: الحديث مطلق «فهو بالخيار»، ولم يقل: إذا غبن؟.
فالجواب: أنه يحمل على الغالب المعتاد؛ لأن الجالب إذا قدم للسوق، ولم يجد أنه غبن فإنه لن يفسخ، إذ لا فائدة من الفسخ ثم البيع مرة أخرى، فيحمل الحديث على أنه إذا غبن، وإن كان ظاهر الحديث الخيار مطلقاً.
الصورة الثانية: قوله: «وبزيادة الناجش»«الباء» في قوله: «بزيادة» للسببية، أي: بسبب زيادة الناجش، والناجش اسم فاعل من نَجَش يَنْجُش، وأصل النجش الإثارة، فإثارة الشيء نجشه.
والناجش هو من يزيد في السلعة، وهو لا يريد شراءها، وإنما يريد الإضرار بالمشتري، أو نفع البائع، أو الأمرين جميعاً.
مثال ذلك: عرضت سلعة للسوم فصار الناس يتزايدون فيها، وكان أحد هؤلاء يزيد في الثمن، وهو لا يريد الشراء، ولكن من أجل منفعة البائع؛ لأنه صاحبه، أما هو فلا يريد السلعة، أو يريد إضرار المشتري؛ لأنه عدوه، أو يريد نفع نفسه كأن يكون عنده سلعة مثلها فزاد في ثمنها لأجل أن يزيد ثمن سلعته، أو يريد أن يقول الناس: فلان ما شاء الله يزيد في السلعة، وهذا معناه أنه عنده أموال وتاجر.