للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجب أن يحال بينه وبين مأربه، فإن كان يعلم القيمة ويدري أن قيمتها خمسة، ولكنه أخذها بعشرة تطييباً لقلب البائع، كما يعمله بعض الناس مثلاً إذا وجد رجلاً فقيراً عنده بسطة صغيرة، قال: بكم هذه يا فلان؟ قال: بعشرة وهو يعرف أنها بخمسة فأخذها بعشرة فلا يكون مسترسلاً؛ لأنه يعلم القيمة، وكذلك لو رأى مع صبي دجاجة تساوي عشرة، قال: بكم يا بني هذه؟ قال: هذه يا عم بعشرين وهو يدري أنها تساوي عشرة، لكن جبراً لقلب هذا الصبي وإدخالاً للسرور عليه، قال: خذ هذه العشرين، ثم بعدئذٍ ندم قال: كيف أبذل عشرين بما يساوي عشرة؟ فرجع إلى الصبي وقال: يا بني غبنتني فلا خيار له؛ لأنه يعلم القيمة ودخل على بصيرة.

وقوله في الروض (١): «ولم يحسن المماكسة» ظاهره أنه إذا كان يحسن المماكسة فإنه لا خيار له ولو غبن، مثاله: رجل يجهل قيمة الأشياء لكنه جيد في المماكسة، فأتى إلى صاحب الدكان، وقال له: كم قيمة هذا المسجل؟ قال: قيمته مائتا ريال وصاحب الدكان وضع ورقة عليه صغيرة وكتب عليها مائتي ريال، وهو جيد في المماكسة، لكن ظن أن هذه قيمته في الأسواق، فأخذ المسجل ثم لما عرضه على إخوانه، قالوا: هذا يباع في السوق بثمانين ريالاً، فغبن بمائة وعشرين، فرجع إلى الرجل، وقال له: هذا بثمانين ريالاً، فعلى كلام المؤلف لا خيار له؛ لأنه يحسن المماكسة ويقدر أن يحاطه في الثمن حتى يصل إلى الثمانين.


(١) حاشية ابن قاسم على الروض المربع (٤/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>