فيزيد الثمن، فهذا من التدليس؛ لأنه أظهر المبيع بمظهر مرغوب فيه، وهو خالٍ منه.
فإذا قال قائل: كيف يكون للرحى ماء وهي ستطحن الدقيق؟ وهذا يقتضي أن يكون الدقيق عجيناً؟.
نقول: تُجعل عجلة أي بكرة لها رِيَشٌ يضرب فيها الماء فتدور، ثم في هذه البكرة سير متصل بالرحى البعيدة عن الماء، وهذا السير هو الذي يدير هذه الرحى البعيدة، ويشبهه من بعض الوجوه جنزير العجلة (الدراجة)، فيظن الظان أن هذا هو ماؤها، وأن هذه قوتها فيزيد في ثمنها.
واقتصار المؤلف ﵀ على هذه الأمثلة الثلاثة، تسويد شعر الجارية، وتجعيده، وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها، لا يعني أنه لا يثبت إلا في هذه فقط، بل هذه أمثلة.
والضابط ما ذكرناه، وهو إظهار المبيع بصفة مرغوب فيها وهو خالٍ منها، ومن ذلك:
تصرية اللبن في ضرع بهيمة الأنعام، أي: جمع اللبن في ضرع البهيمة، وهو محرم، قال النبي ﷺ:«لا تصروا الإبل والغنم»، فيربط ضرع البهيمة ويجتمع اللبن في الضرع، فإذا جلبها في السوق ورآها المشتري ظن أن هذه عادتها، وأن لبنها كثير فيزيد في ثمنها، فإذا وقع هذا من البائع أعني هذا التدليس، نقول: أما التصرية فإن رسول الله ﷺ حكم فيها بحكم الله ﷿ قال: «ومن ابتاعها بَعْدُ ـ أي بعد التصرية ـ فهو