للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان راكبها قبل أن يقبضها من عمر (١) ، فهذا تصرف بهبة بغير معاوضة، ولهذا جاء في الحديث: «فلا يبعه حتى يقبضه» (٢)، ومعلوم أن البيع معاوضة، وإذا كان النبي ذكر البيع وحده، فهو دليل على أن ما شابهه كالأجرة، وهبة الثواب ـ يعني الهبة على عوض ـ فهي مثله، أما ما لم يوافقه في العلة ولم يقصد به المعاوضة، وإنما قصد به وجه الله إن كان صدقة، أو التودد والتحبب إن كان هدية وهبة، فإنه لا يساويه في الحكم، وقياس الهبة والهدية على البيع قياس مع الفارق.

وقوله: «ولم يصح تصرفه فيه حتى يقبضه» هذا هو الحكم الثالث. وظاهر كلامه ولو مع البائع يعني، ولو كان مع البائع.

مثاله: اشتريت مائة صاع من هذا الرجل، وهي عندي الآن بيدي، ثم بعتها عليه بثمنها أو أكثر فهل يصح؟

ظاهر كلام المؤلف أنه لا يصح، فلا يصح التصرف حتى مع البائع (٣).

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يصح تصرفه مع البائع، وأن قول الرسول : «فلا يبعه حتى يقبضه»،


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب إذا اشترى شيئاً فوهب من ساعته (٢١١٥) عن ابن عمر .
(٢) أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الطعام قبل أن يقبض (٢١٣٥)؛ ومسلم في البيوع/ باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (١٥٢٥) (٣٠) واللفظ لمسلم، عن ابن عباس ولفظه أن النبي قال: «من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه»، قال ابن عباس: «وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام».
(٣) وهذا هو المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>