وجدته أقرب إلى الصواب من غيره، لكنه ليس بمعصوم، لدينا نحو عشر مسائل أو أكثر نرى أن الصواب خلاف كلامه ﵀؛ لأنه كغيره يخطئ ويصيب، ثم هو ظاهر تعليل ابن عباس ﵄ لما سأله طاووس بن كيسان قال له: لم النهي؟ قال: لأنه دراهم بدراهم، والقبض مرجأ (١)، أي: مؤخر، وجه ذلك أنني إذا اشتريت من هذا الرجل سلعة بمائة دينار وأبقيتها عنده، ثم بعتها بمائة دينار وعشرة دنانير، صار كأنني بعت مائة دينار بمائة وعشرة فقط؛ وهذه السلعة ممر، وهذا الاستنباط من ابن عباس ﵄ قريب جداً؛ لأنها في هذه الحال تشبه العينة من بعض الوجوه.
وإذا كان ابن عباس ﵀ ورضي عنه ـ يرى هذا التعليل، وهو صحابي جليل فقيه، فإنه يدلك على قبح المعاملات المشهورة الآن، والتي يسمونها التقسيط، بأن يختار المشتري سلعة معينة، ثم يذهب إلى تاجر من التجار ويقول: اشترها لي ثم بعها عَلَيَّ بربح، فهذا واضح أنه ربا ولا يخفى إلا على إنسان لم يتأمل؛ لأن حقيقته أنه أقرضه الثمن بزائد، فبدلاً من أن يقول: أعطني ـ مثلاً ـ قيمة هذه السلعة وأعطيك فيها ربحاً، قال: اشترها لي ثم بعها عَلَيَّ، والتاجر لم يرد الشراء إطلاقاً، ولولا هذا ما اشتراها بفلس واحد، وواضح أن المقصود هو الربا، ولا يشكل هذا على إنسان إذا تأمله، وإذا كان ابن عباس ﵄ يرى أن العلة في النهي عن بيع الشيء قبل قبضه، هو أنه يشبه بيع