مضمون على الغاصب فإنه يضمنها بخمسين، وإن قلنا: ليس بمضمون فإنه لا يضمنها إلا بأربعين، لكن ينبغي أن يقال: إنه يضمنها بخمسين على كل حال؛ لأنه معتد بمنعها.
وقوله:«ما لم يمنعه بائع من قبضه» سواء تمكن من قبضه أم لم يتمكن، واختار شيخ الإسلام ﵀ أن المدار على التمكن من القبض، فما تمكن المشتري من قبضه فعليه، وما لم يتمكن من قبضه فعلى البائع. وقال: إن هذا هو منصوص الإمام أحمد، وكلامه أقيس؛ لأن الثمرة على الشجرة إنما كانت من ضمان البائع؛ لأن المشتري لا يتمكن من قبضها، لأن المشتري لن يأخذها جملة بل سيتفكه ويأخذها شيئاً فشيئاً، والمبيع بكيل أو نحوه ما دام لم يكل ولم يعرف مقداره فضمانه على البائع؛ لأن المشتري لا يتمكن من قبضه، وعلى هذا فإن بيع الشيء جزافاً فإنه لا يصح بيعه، ولكن إن تلف فمن ضمان المشتري؛ لتمكنه من قبضه.
وقوله:«ما لم يمنعه بائع من قبضه» يفهم منه أن ما كان ضمانه على شخص فمنع منه عاد الضمان على المانع؛ لأن الضمان فيما عدا ما بيع بكيل ونحوه من ضمان المشتري إلا إذا منعه البائع، والعكس كذلك، أي: فيما سبق أنه من ضمان البائع إذا سلمه البائع المشتري، ولكن المشتري أبى قال: لا أستلم حتى تلف، فإن الضمان حينئذٍ يكون على المشتري؛ لأن البائع قد بذله ولكنه امتنع، والبائع يقول: أنت الآن وضعته عندي على سبيل الوديعة، فضمانه عليك وأنا قد بذلته، وهذه تجري كثيراً،