«وما لا عرف له هناك اعتبر عرفه في موضعه» نرجع إلى العرف في موضعه، فإن كان الناس يتبايعونه بالوزن فهو موزون، أو بالكيل فهو مكيل، أو بالعدد فهو معدود؛ لأنه ليس هناك ضابط نرجع إليه بالنسبة لمكة والمدينة.
وقال بعض العلماء: نرده إلى أقرب الأشياء شبهاً به في مكة والمدينة، فإذا كان أقرب الأشياء إليه الكيل في المدينة فهو مكيل، أو الوزن في مكة فهو موزون، وهذا القول أقرب إلى النظر؛ لأن ما لا يمكن فيه اليقين يرجع فيه إلى غلبة الظن، وقد يقال: بل إنه إذا لم يكن له عرف في مكة والمدينة فإننا نطرح الشَّبَهَ ونقول: يرجع إلى ما تعارفه الناس، وهذا القول الثاني من جهة السهولة على المسلمين والتيسير أقرب إلى الصواب؛ لئلا يحصل النزاع فيقول: هذا يشبه المكيل في المدينة، وهذا يشبه الموزون في مكة، فيقال: ما دام ليس له عرف في مكة والمدينة، وإنما طرأ حديثاً فإننا نعتبر عرفه في موضعه، هذا هو الذي مشى عليه المؤلف ﵀ وذلك لقول النبي ﷺ:«المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان مكة»(١).
وقال بعض العلماء: ما نص الشرع على أنه مكيل فهو
(١) أخرجه أبو داود في البيوع/ باب قول النبي ﷺ: «المكيال مكيال أهل المدينة» (٣٣٤٠)؛ والنسائي في البيوع/ باب الرجحان في الوزن (٧/ ٢٨٤) عن ابن عمر ﵄ وصححه ابن حبان (٣٢٨٣) «إحسان»، عن ابن عباس ﵄ وصححه الدارقطني والنووي وابن دقيق العيد والعلائي، قاله المناوي في «فيض القدير» (٦/ ٣٧٤)؛ وصححه الألباني في «الإرواء» (٥/ ١٩١).