للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركوه، فلم يؤبروا النخل فصارت النتيجة أن النخل فسد، ثم قال بعد ذلك: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» (١)، وتركهم يؤبرون، ومراده أنتم أعلم بأمور دنياكم ليس بالأحكام الشرعية فيها، ولكن بتصريفها والتصرف فيها، فنحن أعلم بالدنيا من حيث الصناعة، أما من جهة الأحكام فهي إلى الله ورسوله ، ولهذا أخطأ من قال: إن الدين الإسلامي لا ينظم المعاملات، واستدل بهذا الحديث، فنقول: هذا خطأ عظيم، فالدين الإسلامي ينظم كل شيء؛ أليس الرسول نهى أن تباع الثمار قبل بدو صلاحها (٢)؟! أليس هو الذي قال: «من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها» (٣)؟! فهذه أحكام شرعية، لكن مسألة التأبير وعدم التأبير هذا داخل في الصناعة. وهذا يرجع إلى التجارب، والناس يعرفون إذا كانوا مجربين أكثر ممن لم يكن مجرباً، فالمؤلف علق الحكم بالتشقق، فمتى باع البائع نخلاً متشققاً طلعه، فالطلع له، سواء أبّره أم لم يُؤبّره.

لكن الحديث قال فيه الرسول : «من باع نخلاً بعد أن تؤبر»، فلا يصح الاستدلال بهذا الحديث على ما حكم به المؤلف والصواب أن الحكم معلق بالتأبير لما يلي:


(١) أخرجه مسلم في الفضائل/ باب وجوب امتثال ما قاله الرسول شرعاً … (٢٣٦٣) عن عائشة وثابت وأنس .
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة/ باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه … (١٤٨٦)، ومسلم في البيوع/ باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها … (١٥٣٤) عن عبد الله بن عمر .
(٣) سبق تخريجه ص (١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>