العرية هي هبة الثمرة وسميت عارية؛ لأنها خالية من العوض. ولكن الصحيح أن العرية هي بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر لمن احتاج إلى الرطب وليس عنده ثمن يشتري به؛ وسميت بذلك لأنها عارية عن النقدين فإنه يخرص الرطب حتى يكون مساوياً للتمر القديم في الكيل، ثم يشتريها صاحب التمر القديم، وبشرط أن تكون خمسة أوسق أو أقل، فهذا الفقير الذي ليس عنده مال وعنده تمر قديم جاء للفلاح فقال له: أنا محتاج للرطب، بعني ثمرة هذه النخلة التي تصبح بعد يبسها خمسين صاعاً بخمسين صاعاً من التمر الذي عندي، فهذا جائز؛ لأن خمسين الصاع أقل من خمسة أوسق وهذا محتاج وليس عنده مال.
فهذا أعطاه التمر وذاك تخلى عن النخلة، فَقَبْضُ التمر بالكيل وقبض النخلة بالتخلية، فصاحب النخلة خلاها له، وذاك أعطاه التمر بالكيل ثم إن المشتري تركها حتى أتمرت.
قوله:«بطل» أي: إن البيع يبطل؛ لأن الشرع إنما أجاز بيع الرطب بالتمر ـ مع أن الأصل أنه محرم ـ من أجل دفع حاجة هذا الفقير الذي هو محتاج للرطب، والآن لما أهمل وتركها حتى أتمرت، زالت العلة التي من أجلها أجاز الشرع بيع الرطب بالتمر.
ولا يمكن أن نفتح للناس باب الخداع، نقول: لو أننا صححنا البيع وألزمنا بائع النخلة ببقاء العقد تحيل الناس على هذا، فلذلك يقول المؤلف: إذا اشترى عرية فأتمرت بطل البيع.
قوله:«والكل للبائع» أي: الكل في هذه المسائل كلها إذا بطل البيع رجع للبائع؛ لأنه ملكه، ويأخذ المشتري الثمن من البائع