أما إن قال: أسلمت إليك هذه الأربعين ألفاً بسيارة بعد سنة فهذا يصح؛ لأنه موصوف في الذمة، ولم يعينه وليست موصوفة معينة في مكان معين.
وقوله:«مؤجل» أيضاً لا بد فيه من التأجيل، فإن لم يكن مؤجلاً فإنه لا يصح سلماً.
مثال ذلك: أن يقول: أسلمت إليك مائة الريال التي بيدي الآن بمائة صاع بر، فحكم هذا العقد لا يصح سلماً؛ لأن السلم لا بد أن يكون مؤجلاً، والدليل قول الرسول ﷺ:«فليسلف في شيء معلوم إلى أجل معلوم»(١). فهل قوله:«إلى أجل معلوم» الشرط في الأمرين جميعاً أن يكون أجلاً وأن يكون معلوماً، أو الشرط عائد إلى المعلوم فقط؟
إن قلنا بالأول فلا بد أن يكون مؤجلاً، وإن قلنا بالثاني فلا يشترط التأجيل، ولكن إن أجلت فليكن الأجل معلوماً.
ومن ثم اختلف العلماء ﵏ فمنهم من قال لا بد أن يكون له أجل، ومنهم من قال: لا بأس أن يكون بدون أجل.
والذي يظهر لي أنه يصح بدون أجل، ونقول: سمّه ما شئت: سلماً أو بيعاً؛ لأن هذا ليس فيه غرر ولا ربا ولا ظلم، ومدار المعاملات المحرمة ـ أي: معاملات المعاوضة ـ على هذه الثلاثة، الرّبا والظلم والغرر، وهذا ليس فيه غرر، وليس فيه ظلم، وليس فيه ربا.